ليلة القدر ليلةٌ عظيمةٌ جليلةٌ تفوق كل ليالي السنة في الفضل، قال تعالى في محكم التنزيل:{ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، ومما يدل على رفعة هذه الليلة اسمها "القدر"، حيث وردت خمسة أقوالٍ في سبب التسمية:
إحداها: أنها ليلةُ العظمة، حيث يُقال: لفلان قدر أي منزلة وعظمة، قاله الزهري، ويشهد له قوله تعالى:{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}الزمر:67}.
الثاني: أنه الضيق. أي هي ليلة تضيق فيها الأرض عن الملائكة الذين ينزلون، قاله الخليل بن أحمد، ويشهد له قوله تعالى:{ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ}الطلاق:7.
الثالث: أن القدر الحُكم؛ لأن الأشياء تقدر فيها، قاله ابن قتيبة، ويشهد له قوله تعالى:{ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}الدخان:4.
الرابع: لأن من لم يكن له قدر صار بمراعاتها ذا قدر، قاله أبو بكر الوراق.
الخامس: لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر، وينزل فيها رحمة ذات قدر، وملائكة ذو قدر، حكاه شيخ ابن الجوزي علي بن عبيد الله.
ولا مانع من إجتماع كل هذهِ المعاني لليلة القدر فهي ليلةُ القضاء والحكم وليلة التدبير وليلة الشأن العظيم والشرف الرفيع.
لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتماسها في الوتر من العشر الأواخر وإحيائها بالصلاةِ والذكر والقيام والقربات طلباً للفضائل المجتمعة فيها، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"{رواه البخاري}.
ونظراً لأن الحائض يُحرَّم عليها الصلاة وقراءة القرآن فنوصيها بالآتي:
1ـ أن تنوي قبل ليلة القدر وأثناءها "لو لم تكن حائضا لقامت الليلة كلها" حتى يكتب لها أجر القيام، فالأعمال بالنيات، ونية المؤمن تسبق عمله، وقد نص العلماء على أن المؤمن إن تعذر عليه القيام بعملٍ لعذر بعد أن ينويهِ يُسجَّل في صحيفةِ حسناته.
فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزَاةٍ فَقَالَ:"إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلَا وَادِيًا إِلَّا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ، حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ"{رواه البخاري}. وعَنْهُ أيضا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ:"إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟! قَالَ:"وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ"{رواه البخاري}. عَنْ جَابِرٍ قَالَ:كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ فَقَالَ:"إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ حَبَسَهُمْ الْمَرَضُ"{رواه مسلم}. قال النووي في شرحه على مسلم عقب الحديث الأخير(6/392):" هَذَا الْحَدِيث : فَضِيلَة النِّيَّة فِي الْخَيْر، وَأَنَّ مَنْ نَوَى الْغَزْو وَغَيْره مِنْ الطَّاعَات فَعَرَضَ لَهُ عُذْر مَنَعَهُ حَصَلَ لَهُ ثَوَاب نِيَّته، وَأَنَّهُ كُلَّمَا أَكْثَرَ مِنْ التَّأَسُّف عَلَى فَوَات ذَلِكَ، وَتَمَنَّى كَوْنه مَعَ الْغُزَاة وَنَحْوهمْ كَثُرَ ثَوَابه".
فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزَاةٍ فَقَالَ:"إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلَا وَادِيًا إِلَّا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ، حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ"{رواه البخاري}. وعَنْهُ أيضا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ:"إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟! قَالَ:"وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ"{رواه البخاري}. عَنْ جَابِرٍ قَالَ:كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ فَقَالَ:"إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ حَبَسَهُمْ الْمَرَضُ"{رواه مسلم}. قال النووي في شرحه على مسلم عقب الحديث الأخير(6/392):" هَذَا الْحَدِيث : فَضِيلَة النِّيَّة فِي الْخَيْر، وَأَنَّ مَنْ نَوَى الْغَزْو وَغَيْره مِنْ الطَّاعَات فَعَرَضَ لَهُ عُذْر مَنَعَهُ حَصَلَ لَهُ ثَوَاب نِيَّته، وَأَنَّهُ كُلَّمَا أَكْثَرَ مِنْ التَّأَسُّف عَلَى فَوَات ذَلِكَ، وَتَمَنَّى كَوْنه مَعَ الْغُزَاة وَنَحْوهمْ كَثُرَ ثَوَابه".
والمعنى العام من هذه الأحاديث أن المرء يؤجر على نيتهِ إذا حبسه العذر، والحائض حبسها الحيض عن القيام وقراءة القرآن فيكتب لها الأجر إن نوت، قال صاحب كتاب الوافي:"من نوى عملا صالحاً، فمنعهُ من القيام به عذرٌ قاهرٌ، من مرضٍ أو وفاةٍ أو نحو ذلك فإنه يُثاب عليه". وقال البيضاوي:"والأعمال لا تصح بلا نية؛ لأن النية بلا عمل يثاب عليها، والعمل بلا نية هباء، ومثال النية في العمل كالروح في الجسد، فلا بقاء للجسد بلا روح، ولا ظهور للروح في هذا العالم من غير تعلق بجسد".{انظر: فتح الباري (12/483)، الوافي في شرح الأربعين النووية(14)}.
2ـ الإكثار من الذكر .. يجوز للحائض الذكر مطلقاً كالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد ونحو ذلك من الباقيات الصالحات، والدليل على جواز الذكر للحائض القياس على الجنب، فالمنصوص عليهِ عند الفقهاء أنه يجوز للجنب أن يذكر الله، وهو الثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت عَائِشَةُ زوج النبي رضي الله عنها:كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ.{رواه مسلم}. أي حتى في حال الجنابة، ثم إنه لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى الحائض عن الذكر.
3ـ الإكثار من الدعاء وخاصة الدعاء الذي ترويهِ عائشة رضي الله عنها ، فعنها أنها قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلةٍ ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي: "اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعف عني" رواه الخمسة غير أبي داود، وصححه الترمذي والحاكم.
4ـ الإكثار من الإستغفار.
5ـ الإكثار من الصدقات.
6ـ الدعوة إلى الله تعالى وذلك من خلال حث الزوج والأولاد على قيام هذه الليلة الفضيلة.
7ـ الإستماع للمحاضرات الإيمانية.
8ـ الإكثار من القربات الأخرى مثل صلة الأرحام ونحوها.
اذا اعجبك الموضوع قم بنشره ؟
مواضيع مشابهة :